فصل: قال أبو البقاء العكبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو البقاء العكبري:

سورة المائدة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: {إلا ما يتلى عليكم} في موضع نصب على الاستثناء من بهيمة الأنعام، والاستثناء متصل، والتقدير: أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا الميتة وما أهل لغير الله به وغيره مما ذكر في الآية الثالثة من السورة {غير} حال من الضمير المجرور عليكم أو لكم، وقيل هو حال من ضمير الفاعل في أوفوا، و{محلى} اسم فاعل مضاف إلى المفعول، وحذفت النون للإضافة، و{الصيد} مصدر بمعنى المفعول: أي المصدر، ويجوز أن يكون على بابه هاهنا: أي غير محلين الاصطياد في حال الإحرام.
قوله تعالى: {ولا القلائد} أي ولا ذوات القلائد لأنها جمع قلادة، والمراد تحريم المقلدة لا القلادة {ولا آمين} أي ولا قتال آمين أو أذى آمين.
وقرئ في الشاذ {ولا آمى البيت} بحذف النون والإضافة {يبتغون} في موضع الحال من الضمير في آمين، ولايجوز أن يكون صفة لآمين لان اسم الفاعل إذا وصف لم يعمل في الاختيار {فاصطادوا} قرئ في الشاذ بكسر الفاء، وهى بعيدة من الصواب، وكأنه حركها بحركة همزة الوصل {ولا يجرمنكم} الجمهور على فتح الياء، وقرئ بضمها وهما لغتان: يقال، جرم وأجرم، وقيل جرم متعد إلى مفعول واحد وأجرم متعد إلى اثنين، والهمزة للنقل، فأما فاعل هذا الفعل فهو {شنآن} ومفعوله الأول الكاف والميم، و{أن تعتدوا} هو المفعول الثاني على قول من عداه إلى مفعولين، ومن عداه إلى واحد كأنه قدر حرف الجر مرادا مع أن تعتدوا، والمعنى: لا يحملنكم بغض قوم على الاعتداء، والجمهور على فتح النون الأولى من شنآن، وهو مصدر كالغليان والنزوان.
ويقرأ بسكونها وهو صفة مثل عطشان وسكران، والتقدير: على هذا لا يحملنكم بغيض قوم: أي عداوة بغيض قوم، وقيل من سكن أراد المصدر أيضا، لكنه خفف لكثرة الحركات وإذا حركت النون كان مصدرا مضافا إلى المفعول: أي لا يحملنكم بغضكم لقوم، ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أي بغض قوم إياكم {أن صدوكم} يقرأ بفتح الهمزة وهى مصدرية، والتقدير: لأن صدوكم، وموضعه نصب أو جر على الاختلاف في نظائره.
ويقرأ بكسرها على أنها شرط، والمعنى: أن يصدوكم مثل ذلك الصد الذي وقع منهم، أو يستديموا الصد، وإنما قدر بذلك لأن الصد كان قد وقع من الكفار للمسلمين {ولا تعاونوا}
يقرأ بتخفيف التاءين على أنه حذف التاء الثانية تخفيفا، أو بتشديدها إذا وصلتها بلا على إدغام إحدى التاءين في الأخرى، وساغ الجمع بين ساكنين لأن الأول منهما حرف مد.
قوله تعالى: {الميتة} أصلها الميتة {والدم} أصله دمى {وما أهل لغير الله به} قد ذكر ذلك كله في البقرة {والنطيحة} بمعنى المنطوحة، ودخلت فيها الهاء لأنها لم تذكر الموصوفة معها فصارت كالاسم، فإن قلت شاة نطيح لم تدخل الهاء {وما أكل السبع} «ما» بمعنى الذي وموضعه رفع عطفا على الميتة، والأكثر ضم الباء من السبع وتسكينها لغة، وقد قرئ به {إلا ما ذكيتم} في موضع نصب استثناء من الموجب قبله، والاستثناء راجع إلى المتردية والنطيحة وأكيلة السبع.
{وما ذبح} مثل {وما أكل السبع} {على النصب} فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بذبح تعلق المفعول بالفعل: أي ذبح على الحجارة التي تسمى نصبا، أي ذبحت في ذلك الموضع.
والثانى أن النصب الأصنام، فعلى هذا في على وجهان: أحدهما هي بمعنى اللام: أي لأجل الأصنام، فتكون مفعولا له، والثانى أنها على أصلها وموضعه حال: أي وما ذبح مسمى على الأصنام، وقيل نصب بضمتين، ونصب بضم النون وإسكان الصاد، ونصب بفتح النون وإسكان الصاد، وهو مصدر بمعنى المفعول، وقيل يجوز فتح النون والصاد أيضا، وهو اسم بمعنى المنصوب كالقبض والنقض بمعنى المقبوض والمنقوض {وأن تستقسموا} في موضع رفع عطفا على الميتة، و{الأزلام} جمع زلم: وهو القدح الذي كانوا يضربون به على أيسار الجزور {ذلكم فسق} مبتدأ وخبر، ولكم إشارة إلى جميع المحرمات في الآية، ويجوز أن يرجع إلى الاستقسام {اليوم} ظرف ل {يئس} و{اليوم} الثاني ظرف ل {أكملت} و{عليكم} يتعلق بأتممت ولا يتعلق ب {نعمتي} فإن شئت جعلته على التبيين: أي أتممت أعنى عليكم، و{رضيت} يتعدى إلى مفعول واحد، وهو هنا {الإسلام} و{دينا} حال، وقيل يتعدى إلى مفعولين لأن معنى رضيت هنا جعلت وصيرت.
ولكم يتعلق برضيت وهى للتخصيص، ويجوز أن يكون حالا من الإسلام: أي رضيت الإسلام لكم {فمن اضطر} شرط في موضع رفع بالابتداء، و{غير} حال، والجمهور على {متجانف} بالألف والتخفيف، وقرئ {متجنف} بالتشديد من غير ألف يقال تجانف وتجنف {لإثم} متعلق بمتجانف، وقيل اللام بمعنى إلى، أي ماثل إلى إثم {فإن الله غفور رحيم} أي له، فحذف العائد على المبتدأ.
قوله تعالى: {ماذا أحل لهم} قد ذكر في البقرة {وما علمتم} ما بمعنى الذى، والتقدير: صيد ما علمتم، أو تعليم ما علمتم، و{من الجوارح} حال من الهاء المحذوفة أو من ما والجوارح جمع جارحة، والهاء فيها للمبالغة وهى صفة غالبة، إذا لا يكاد يذكر معها الموصوف {مكلبين} يقرأ بالتشديد والتخفيف، يقال: كلبت الكلب وأكلبته فكلب: أي أغريته على الصيد وأسدته فاستأسد، وهو حال من الضمير في علمتم {تعلمونهن} فيه وجهان: أحدهما هو مستأنف لا موضع له، والثانى هو حال من الضمير في مكليين، ولا يجوز أن يكون حالا ثانية لأن العامل الواحد لا يعمل في حالين، ولا يحسن أن يجعل حالا من الجوارح لأنك قد فصلت بينهما بحال لغير الجوارح {مما} أي شيئا مما {علمكم الله}.
قوله تعالى: {وطعام الذين} مبتدأ، {وحل لكم} خبره، ويجوز أن يكون معطوفا على الطبيات، وحل لكم خبر مبتدأ محذوف {وطعامكم حل لهم} مبتدأ وخبر {والمحصنات} معطوف على الطيبات، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أي والمحصنات من المؤمنات حل لكم أيضا، وحل مصدر بمعنى الحلال فلا يثنى ولا يجمع، و{من المؤمنات} حال من الضمير في المحصنات، أو من نفس المحصنات إذا عطفتها على الطيبات {إذا آتيتموهن} ظرف لاحل أو لحل المحذوفة {محصنين} حال من الضمير المرفوع في آتيتموهن، فيكون العامل آتيتم، ويجوز أن يكون العامل أحل أو حل المحذوفة {غير} صفة لمحصنين أو حال من الضمير الذي فيها {ولا متخذي} معطوف على غير فيكون منصوبا، ويجوز أن يعطف على مسافحين وتكون لا لتأكيد النفى {ومن يكفر بالايمان} أي بالمؤمن به فهو مصدر في موضع المفعول كالخلق بمعنى المخلوق، وقيل التقدير بموجب الإيمان وهو الله {وهو في الآخرة من الخاسرين} إعرابه مثل إعراب {وإنه في الآخرة لمن الصالحين} وقد ذكر في البقرة.